وثيقة من ابن عمنا الشريف مولاي الهاشمي الميري الودغيري و عبارة عن رسالة من السلطان الحسن الاول الى قاضي وجدة ونواحيها الشريف الادريسي الفقيه سيدي محمد بلهاشمي الميري الوجدي، مؤرخة في سنة 1300 هجرية (1883 ميلادية) حول فضل العلم والتعلم والحث عليهما
تحمل الطابع الشريف وبداخله : الحسن بن محمد الله وليه ومولاه
تقول الرسالة :
الحمد لله، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
قاضي محروسة وجدة الفقيه السيد محمد ابن المير سددك الله، وسلام عليكم ورحمة الله وبعد.
فان العلم حياة النفوس وعنوان الشرف في الارض والسماء ، منذ علم آدم الاسماء. وما نال موجود فضيلة لا في الدنيا ولا في الاخرة الا يالعلم. إذ من تحقق بالحقائق وتبحر في الدقائق تيقن ان المولى تعالى ما تعبد العباد الا بالعلم. فهو الواجب الاول على ما عليه المعول، سواء قلنا بمرادفته للمعرفة او بتميزه بتلك الصفة، بدليل “فاعلم انه لا اله الا هو” فإذا لا يعز الاسلام ولا سؤدد له الا به هو.
به فضل تعالى آدم على الملائكة، وبه تعاظم الكليم قدما، وبه مدح الخضر ب “وآتيناه من لدنا علما” وبه افتخر الكريم بن الكريم بن الكريم حيث قال “اني حفيظ عليم”.
فلا جرم من هذه الحيثية ، حظت الشريعة على تعلمه وتعليمه بما لا يحصى من الآيات البينة، والاحاديث النبوية مما لو ذهبنا لسرده لملأنا اوقار اوراق، ولأوقرنا الأسماع و روقنا الأذواق.
فإذا تقرر هذا وذاك، فينبغي لكل من له من العلم أدنى مسكة وحبته سبقية العناية عطره ومسكه ان يشهر علمه ولا يكتمه. وان ينبته في الصدور ويشنف به المسامع، فرب مبلغ أوعى من سامع ، اغتناما لثواب ما ورد في فضل التعليم وفرارا من وعيد الكتمان.
فعليه ومن أجله نأمرك ان تلزم من قبلك من اولى العلم نشره بالتدريس آناء الليل وأطراف النهار، وتعمير المساجد بمجالسه بالآصال والابكار، وتحث اهل الاهلية على الاجتهاد في التعلم من غير تريث ولا تلوم حتى تنفق سوق العلم ويعلو مناره وتتألق في الآفاق أنواره.
فأحضرهم وبلغهم كتابنا الشريف هذا تبليغا، واتل عليهم نبأه وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا، وأزح كل لبس، وذكر به أن تبسل نفس ، واصدع بما تومر ولا تكن من المدهنين، وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين والسلام.
في 28 شوال عام 1300 هجرية.
